Menu

عادل الجويني
رحمة الله عليه(ها) عادل الجويني

#عادل_الجويني كلّ الدموع عليك لا تكفيك…قامَ النَّعيُّ فأَسْمَعا … ونَعَى الكريمَ الأَرْوَعاهتفت إليّ والدتي، حفظها الله…- كيف حالكِ يا أمّي؟فجاءت “الحمد لله” على لسانها ثقيلة حزينة…- عادل مات- ……………انتفضت جوانحي..لا تحتاج أمّي إلى إلحاق الاسم باللقب لأعرف عمّن تتحدّث.. هي تعرف أصدقاء ابنها جيّدا وتعرف أنّ أسماءهم لا تحتاج إلى ألقابها لتكون عليهم دليلا…شرقتُ بالخبر فضلّ الدمع طريقه.. واختلطت السبل على انفعالاتي.. وسمعت كل جارحة منّي تنتحب وحدها..وغام مِن حولي كلُّ شيء…بعض الأسماء، وإن فارقتَها، تبقى عناوين لك تستدلّ بها على أنّك على قيد الحياة.. ولأنّ العناوين تختفي تباعا فإنّ الحياة تُعصَر كمنديل لا يمسح دمعا.. ولا يغنيك من لفح…وعادل كان من عناويني…نشأنا في القرية أترابا جمع بيننا العمر والفكر ومشترَك الهواجس وأحلام الصبا وأوهام ما يأتي بعده..وفرّقتنا تفاصيل الأيّام وما افترقنا…ابتسامته ونبرة صوته لا تزالان في ركن منّي لا تغادرانه…مات عادل الجويني..صديق الطفولة والصبا.. وشريك كثير من الأشياء…كنّا ندرس في السنة الثانية من التعليم الابتدائيّ لما التحق بنا شقيقان قيل لنا إنهما من “الجواينة”: العادل وشقيقه الصادق.. عادت العائلة إلى القرية قادمة من قرية سعيدان أقرب قرى قبلّي إلينا.. عادل ووالداه وإخوته.. مسكنهم قدّام المدرسة، فهو أقربنا إليها.. حتّى كأنّها في أكنافه تحرسها عيناه…وغرسنا،عادل وأنا وبعض الصحب، شجرة صداقة أوينا إلى ظلّها ولم تبخل علينا بثمرها…منذ السنة الثانية انعقدت صلتي بعادل وشبّت معنا واكتهلت…في مدرسة بنغيلوف الابتدائيّة..وفي معهد الحامّة الثانويّ..وفي كلية الآداب بمنّوبة..ثمّ افترقنا وما افترقنا..ومن عجبٍ أنّ كثيرا من الأحباب ما عادت غير الجنائز جامعة لك بهم..كنت ألتقي العادل في جنازات أبناء قريتنا الجامعة.. نشيّع من مات منها إلى بيته الأخير ونتذاكر بعض ما كان منّا ونتبادل ما نحن فيه…في آخر مرّة، على هامش المقبرة، فتح لي عادل باب سيّارته لأجلس على الكرسيّ داخلها وجلس هو خارجها لا يعبأ بحرّ الشمس.. حدّثني عن زوجه الصابرة المحتسبة حليمة العظيمة التي يختلط حبّها في قلبه بالإجلال.. وعن فراس ابنه البكر وعمله الجديد.. وعن ابنه الموزّع بين المرض والتعليم.. وعن ابن له مولع بالموسيقى يسيح في الأرض خلف أنغامها.. كان يصف لي شغفه بالعزف وانجذابه إلى الفنّ والجمال..فخورًا…عادل لم يفارقه شغفه بالحياة حتّى وهو يطاعن مرضه.. لم تأخذ المواجع من عزمه.. وابتسامته على محيّاه باقية.. لا تغادر وجها هدّه الألم ولم يفارقه الانبساط…اختار السرطان بدن عادل له سكنا..استوطنه حتّى نزف روحه وكان يمكن أن يختار غيره من المحيطين به أو البعيدين عنه…أنفاس راقصة بالحياة دخلت عليها العلّة لتضع لها حدًّا…الأسباب شتّى..والنهاية واحدة..والبقاء لله…” خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا”اللهمّ اجعلنا من المحسنين عملا.وارحم عادلًا..وأسكنه فسيحات الجنان…يا ربّ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *