نقلا عن الصفحة الرسمية للفرع الجامعي للتعليم الثانوي بسوسة.
الله أكبر:
ببالغ الاسى والحسرة ينعى الفرع الجامعي للتعليم الثانوي بسوسة وفاة
الزميل عبد الرؤوف بوسيف استاذ التربية المدنية باعدادية البيروني
بالنفيضة الذي سقط شهيدا للواجب التربوي بساحة الاعدادية اثر نوبة قلبية
مباغتة. ونحن اذ نعزي انفسنا والاسرة التربوية كافة في هذا الفقيد الجلل،
نرجو من الله ان يتغمده بواسع المغفرة والثواب و ان يرزق عائلته واهله
وذويه جميل الصبر والسلوان و انا لله وانا اليه راجعون.
الله اكبر الله اكبر و إنا لله و إنا إليه راجعون.
« كل نفس ذائقة الموت »
ببالغ الأسى تقابلنا نبأ موت زميلنا و صديقنا الخلوق و الطيب عبد الرؤوف بوسيف
مات في ساحة العلم بين تلاميذه و زملائه
مات و هو يادي رسالته النبيلة
رحمك الله يا صديقي و اسكنك فسيح جنانه و احسن الله خاتمتنا جميعا.
« يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» صدق الله العظيم
بكل ألم و حسرة و اشمئزاز من وضعنا المزري أخط لكم هاته الكلمات :
بالأمس،فوجئت
بهاتفي يرن،المتصل هو زميل”م.ص درسنا معا في إعدادية البيروني “ولاد
عبدالله” النفيضة سوسة مع المرحوم رؤوف و هو إبن الجهة . في أولى أيام
العودة، زميلي رؤوف الله يرحمو رحل أو خلناه قد رحل،سقط وسط الساحة أمام
تلامذته و أمام بيرو القيم العام ،تلميذة صاحت : “راهو فما أستاذ طاح في
الساحة” هرعت نحوه زميلة و حاولت إسعافه و الدماء تسيل من رأسه بفعل السقوط
المفاجىء( مع العلم أن الزميلة التي أمسكت برأسه كي تسنده لازالت حتى
الآن في حالة صدمة رهيبة) ،إضطر زملائي في المدرسة الإعدادية بالبيروني
بالنفيضة أن يضعوه ممددا فوق “سابورة “نعم سابورة في الخلف على متن “سيارة
إيسيزي” باش يهزوه للمستشفى الجهوي لأن سيارة الإسعاف تأخرت كثيرا بعد أن
أعلمتهم مندوبية الصحة أن لديهم سيارة واحدة لا يمكن لها أن تغطي المنطقة
بأكملها !!! هكذا يحمل مربي تونسي من مؤسسته التربوية “منزله الثاني” أثناء
القيام بعمله و هو يحتضر في حالة استعجالية في القرن الواحد و العشرين في
“دولة الديمقراطية و حقوق الإنسان” و كل الخزعبلات التي يروج لها الأفاقون
الكذابون المنافقون ليلفظ زميلي رؤوف أنفاسه الأخيرة”كما صرح الطبيب
المباشر لحالته” بعد أن إنتظر زملاءه سيارة الرحمة التي لا ترحم !!!
“البركة
فيكم” هذا ما قاله الطبيب تقريبا على الساعة الواحدة بعد الزوال بعد أن
نزعوا عنه وسائل التنفس الإصطناعي..زملائي الكل حاولوا التغلب على الصدمة و
إبلاغ زوجته لإستشارتها حول مراسم و زمن الدفن،أجمع الجميع على أن يكون
ذلك غدا بعد أن يأتي مندوب التربية و النقابة الجهوية للعزاء و الدفن .
على الساعة الخامسة مساء حسب التقريب تهرع الممرضة لتعلم الطبيب أن جسد ذلك “المربي المسكين” لازال يتنفس !!!
و
هنا أطرح بعض التساؤلات :” مرت أربع ساعات على إعلان وفاة رؤوف و ترك هكذا
بدون عناية فما هذا الإهمال ؟!!! ماذا لو طالبت عائلة الفقيد بشهادة وفاة
لدفن إبنهم في أسرع وقت نظرا لحرارة الطقس و عملا بمقولة “إكرام الميت
دفنه” ،فهل سيدفن زميلنا رؤوف حيا و هو الذي عاد من الموت إلى الحياة بعد
برهة ليجد نفسه يتنفس داخل قبر مظلم ؟!! أيعقل أن نصرح بموت “إنسان” دون
التثبت من ذلك ؟ العمر بيد ربي لكن أربعة سوايع و جسد زميلنا مطيش في
“morgue” على أساس إنو ميت و هو ربما حينها قاوم و نفخ الله في صورته
ليستعيد نبض قلبه فأين الكادر الطبي و أين الطبيب و أين المتابعة و أين
العناية ؟!! أفلا يوجد في هذا البلد إحترام للحياة البشرية أو لحرمة الموتى
!؟
أربعة ساعات كانت كفيلة بحمله لمستشفى سهلول و تلقيه الإسعافات اللازمة بأجهزة أكثر تطورا و تحت رعاية أطباء الإختصاص !!!
الأعمار
بيد الله صحيح، لا إعتراض على قضاء الله و قدره و لا أناقش هنا الأعمار و
لا الأقدار بل الفعل البشري المهين للروح البشرية الإنسانية،لجسد زميل
يحتضر و الإسعاف يتأخر و كأننا في منطقة نائية في أعالي الجبال و الحال
أننا في معتمدية كبيرة تابعة لولاية سوسة فيها مستشفيات و مراكز صحية و
حماية مدنية و… .سيارة إسعاف واحدة و طبيب مهمل متقاعس يجب محاسبته و
تقديمه للقضاء بتهمة الإهمال و التقاعس في آداء واجبه نجم عنه موت روح
بشرية ! ماهذا الإزدراء للإنسان في بلادي تونس التي لم أعد أعرفها و التي
لم تعد فيها أدنى قيمة “للإنسان” !!!
زملائي و زميلاتي
يرحلون الواحد تلو الآخر سأعزي نفسي و أعزيكم و أختم بالقول :” ما فما حتى
شي يستاهل في الدنيا باش توتر روحك بسببه أو “تتنرفز” أو تغضب أو تطلعلك
“tension” لأنه مهما كانت الأسباب،سواء كان ذلك ضغط العمل،أو جدول مزري أو
خصومة مع ولي أو ولية أو تلميذ “عنيف و عدواني” أو رئيس مباشر… لأن من
يرحل نهائيا لن تعيده آلاف “الترحمات” أو برقية تعزية على مضض من مدير أو
مندوبية أو وزارة ..تخيلوا حالة عائلته النفسية الآن : صدمة موت مفاجىء ثم
أمل في الحياة ثم موت مؤلم… نعم “حزن و غضب كبيرين” هو إحساسي الآن ..ترك
رؤوف ثلاثة بنات يتامى و قلوب منكسرة و أرملة مكلومة و أم ملتاعة و أطفالا
لا تجف دموعهم و “شهرية” مقضومة متآكلة بائسة في مهب الريح ..
أضحينا غرباء في وطن يلتهم أبناءه دون حسيب أو رقيب و دون تحميل للمسؤوليات ..
اترك تعليقاً